خوف الإنسان أنواعه و مبرراته - منتدى ثقافي لسماحة المرجع الديني السيد كاظم الحسيني الحائري - الكاظمية المقدسة

اخر الأخبار

الاثنين، 19 يناير 2015

خوف الإنسان أنواعه و مبرراته

 

قال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} .
من منا لا يخاف ! ومن منا لا يشعر بالقلق أحياناً وبدون سبب , ومن منا لا يهاجمه الوسواس بشأن صحته أو ماله او عائلته ! و من منا لا تطارده أحيانا الأفكار السوداء التشاؤمية حتى تستهلك جزءا من وقته وأعصابه، وكثيرون يخافون بلا سبب أو لسبب بسيط و البعض يخاف إلى حد الرعب و أحياناً يشل الخوف حياة الإنسان ، يسلبها مذاقها ويحرمه من أي متعة ، والخوف يجلب الحزن والأسى والشفقة على النفس و يجلب الإحساس بالهوان والضعف .. والخوف مذلة . الخوف ينسف الثقة بالنفس ويجعل الإنسان حائراً عاجزاً منطوياً يراقب ذاته المنهارة ويحسد الآخرين على الطمأنينة التي يشعرون بها ،إنه يشعر أنه قليل وضئيل وهزيل ومحدود ، ولا يسع الإنسان إلا أن يكره نفسه وهو الذي يسعى طلباً للعلاج
والخوف أنواع منها خوف المؤمنين الصالحين من الله سبحانه وتعالى ليس من معصية صدرت عنهم بالمعنى المألوف بل الخوف في الوقوع في المعصية مثل الخوف من عدم استطاعة النهوض ليلا لإقامة صلاة الليل لأي سبب كان . قال تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} .والنوع الأخر من الخوف هو خوف الناس العامة وينقسم الى قسمين . 
خوف مبرر وهو خوف من الله سبحانه وتعالى مما كان وسيكون في الدنيا والآخرة . ولعلاج هذا الخوف قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} . والخوف غير المبرر: وهذا الخوف الذي يداهم القلوب بكثرة في المواقف الصعبة . وأقصى أنواع الخوف هو الخوف من الناس أو الخوف من شخص معين . أو خوف من مجموعة معينة من الناس .. خوف بلا سبب وبلا معنى .وبذلك يتحاشى أي موقف يعرضه لمقابلة أو مواجهة الناس ، يسيطر عليه إحساس غريب بأنه سيتعرض لنقدهم أو أهانتهم و بأنه قد يرتكب حماقة تعرضه للسخرية أو سيرتكب خطأ يعرضه للاستهزاء . أو قد يتصور أنه سيتعرض للاعتداء ,ويحمل هم الدنيا كله في قلبه إذا كان عليه ،المشكلة قد تبدأ في الطفولة وتزداد تدريجياً حتى مرحلة المراهقة حيث تتفاقم وتصبح مصدر تعاسة حقيقية له وتصبح معوقة له في حياته ، والخوف له مظاهره كارتعاش أطرافه ولذا لا يستطيع الكتابة في وجود الآخرين . وقد يتلعثم إذا بدأ في الكلام وتطير الأفكار من رأسه ويزداد نبض وعنف قلبه ويغزر عرقه في كل أجزاء جسمه . هذا بالإضافة إلى الرهبة التي يشعرها بداخله . 
وقد تزداد الصعوبة عندما يلجأ هذا الإنسان إلى الكحول أو إلى استخدام المهدئات بدون استشارة الطبيب لتقلل من حدة روعه وخوفه ، أو لكي يستعد لمواجهة موقف معين .. وهذا خطأ كبير لأن هناك أسلوباً طبياً علاجياً معروفاً لهذه الحالات ولا داعي لأن يزج صاحب المشكلة بنفسه في طريق قد يقوده إلى الإدمان أو التعود على مواد يصعب التخلص منها وقد يكون لها آثارها الضارة على جسده . وهذا النوع من الخوف يجعل الإنسان يتنازل عن حقوق كثيرة له ولا يستطيع أيضاً أن يدافع عن نفسه كما لا يستطيع أن يواجه الآخرين بأخطائهم وبغيهم وتعديهم . وبذلك يتصاعد إحساسه بالأسى وبالظلم وبضياع حقوقه وبالضعف . والخوف قد لا يكون من الناس ولكن من الوحدة يخاف حين يكون وحيداً .. ولا يشعر بالاطمئنان إلا في وجود الآخرين . يخاف من الأماكن العامة .. يخاف من الأماكن المتسعة يخاف من الشارع , لا يمكن أن يسير وحيداً , لا يمكن أن يذهب إلى مكان ما بمفرده .وإذا اضطر لذلك انتابه الخوف الذي يصل إلى حد الذعر والعرق والارتعاش . وضربات القلب العنيفة والإحساس بعدم بالاطمئنان والإحساس بأنه على وشك أن يفقد وعيه أو قد يداهمه شعور بأنه على وشك الموت ,وكيف يهرب إذن من هذا المكان , كيف ينجو بنفسه,. هذا هو لب أو صميم مشكلته . شعوره بأنه إذا تعرض لشيء فإنه لن يستطيع الهرب من هذا المكان ، نفس الشعور يداهم من يخاف من الأماكن الضيقة أو الأماكن المزدحمة أو الأماكن المغلقة كالمصعد والسيارة ، إنه يخشى حين ينتابه الخوف ألا يستطيع أن يفلت من هذا المكان ، ولذا فإن الذي يخاف من مثل هذه الأماكن يشعر بالارتياح إذا اطمأن أنه وقت اللزوم يستطيع الهروب أي يستطيع أن يغادر المكان أو يغادر السيارة وتزداد طمأنينته إذا كان أحد من أفراد عائلته بصحبته . بعض الناس لا يستطيعون مغادرة بيوتهم إلا إذا كانوا بصحبة أحد يعرفونه ويثقون به