الساعة الأخيرة من حياة الإمام الحسين علية السلام - منتدى ثقافي لسماحة المرجع الديني السيد كاظم الحسيني الحائري - الكاظمية المقدسة

اخر الأخبار

الاثنين، 19 يناير 2015

الساعة الأخيرة من حياة الإمام الحسين علية السلام



يقول الله سبحانه وتعالى (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ)
روي أن الأمام (ع) كان يكثر من الصلاة , وقد صلى عدة صلوات مشهورة منذ خروجه من مكة ومنها بعد أن سار من بطن مكة ونزل شران أمر فتيانه فاستسقوا الماء ثم سار منها حتى انتصاف النهار فلاقاهم الحر بن يزيد ألرياحي بجيشه وكان قد اثر فيهم العطش فأمر الأمام (علية السلام) فتيانه أن اسقوا القوم واروهم من الماء وقد حضر وقت صلاة الظهر فأمر (ع) إقامت الصلاة , وقال للحر أتريد أن تصلي بأصحابك ؟ قال لا بل تصلي أنت ونصلي بصلاتك فصل بهم الحسين(ع) , فلما كان وقت العصر أمر (ع) أن يتهيئوا للرحيل ثم أمر مناديه أن ينادي بالعصر وأقام وصل العصر بالقوم ثم خطب بالقوم. وبعد ذلك حول الحر وأتباعه اتجاه سير الأمام (ع) من الكوفة إلى كربلاء مرغما ً على ذلك وقطعوا عنه طريق النهر .وفي التاسع من عاشوراء نادى عمر بن سعد بن الوقاص بجيشه وزحفوا بعد العصر بأتجاة موقع الأمام الحسين (ع) فجاءه العباس (ع) وأخبره بقدوم القوم فقال له اركب أنت بنفسك واذهب أليهم وقل لهم ما بالكم وما بدا لكم وسألهم عما جاء بهم , فأتاهم العباس (ع) في نحو عشرين فارس فسألهم فقالوا قد جاء أمر الأمير أن نعرض عليكم أن تنزلوا على حكمه أو نناجزكم ( يعني أما البيعة ليزيد أو القتال ), قال لاتعجلوا حتى ارجع إلى أبي عبد الله (ع) فأعرض عليه الأمر , فلما اخبره بقولهم قال له ارجع إليهم فأن استطعت أن تؤخرهم إلى غد وتدفعهم عنا لعشيه لعلنا نصلي لربنا الليلة وندعوه ونستغفره فهو يعلم أني كنت أحب الصلاة له وتلاوة كتابه وكثرة الدعاء ولاستغفار , فرجع العباس (ع) وسألهم ذلك , فرفض عمر بن سعد بادئ الأمر ثم وافق بعد ذلك . جمع الحسين (ع) أصحابه قرب المساء فقال إنني اثني على الله أحسن الثناء واحمده على السراء والضراء , اللهم إني أحمدك على إن كرمتنا بالنبوة وعلمتنا القران وفقهتنا بالدين وجعلت لنا أسماعا وأبصارا وأفئدة فاجعلنا لك من الشاكرين . ثم طلب إلى أصحابه أن يتفرقوا عنه جوف الليل , وقال لهم انتم في حل مني , فلم يقبلوا وقابلوه بكلمات تدل على عظمة الأيمان فيهم , فقام الحسين (ع) وأصحابه الليل كله يصلون ويستغفرون ويدعون ويتضرعون , باتوا ولهم دوي كدوي النمل ما بين قائم وقاعد وراكع وساجد ولم يشغلهم ما هم فيه من الشدائد وانتظار القتل عن ذكر ربهم , وهم فرحين في تهجدهم ومستبشرين , فهذا برير يداعب عبد الرحمن الأنصاري ويضاحكه فيقول له عبد الرحمن يا برير ما هذه ساعة باطل فيجيب برير لقد علم قومي إني ما أحببت الباطل كهلا ً ولا شابا ً وإنما افعل ذلك استبشارا ً بما نصير إليه فوالله ما هو إلا أن نلتقي بهؤلاء القوم بأسيافنا ونعالجهم بها ساعة ٍ ثم نعانق الحور العين . وأعظم صلاة يصليها أبا عبد الله (ع) هي صلاة ظهر عاشورا ففي بحبوحة الوغي يأتي أبو ثمامة الصيداوي حسينا قائلا ً يا أبا عبد الله نفسي لنفسك الفداء هؤلاء قد قربوا منك لا والله لا تُقتل حتى ُاقتل دونك وأحب إن القي الله ربي , وقد صليت هذه الصلاة , فرفع الحسين (ع) رأسه إلى السماء وقال ذكر الصلاة جعلك الله مع المصلين كل ذلك لأن لا فضيلة ولا أفعال أعلى من أن يعد الإنسان من المصلين . ثم قال الحسين (ع) سلوهم إن يكفوا عنا لأداء الصلاة , فقال لهم الحصين ابن تميم أنها لا تقبل فأجابه حبيب بن مظاهر ألأسدي زعمت لا تقبل الصلاة من آل بيت رسول الله (ص) وتقبل منكم يا حمار , فحمل عليه الحصين وحمل عليه حبيب بن مظاهر رضوان الله عليه فقتله ثم قتل فقال الحسين (ع) عند الله احتسب نفسي وحماة أصحابي لله درك يا حبيب لقد كنت فاضلا . قال الحسين (ع) لزهير بن القين و سعيد بن عبد الله تقدما أمامي حتى أصلي الظهر فتقدما أمامه في نحو من نصف أصحابه , فصلى بهم صلاة الخوف , فوصل للحسين (ع) سهم فتقدم سعيد بن عبد الله أمامه يقيه السهام والنبال بنفسه حتى سقط على الأرض وهو يقول اللهم العنهم لعن عاد وثمود اللهم ابلغ نبيك عني السلام وابلغه ما لقيت من ألم الجراح ثم قضى نحبه رضوان الله عليه . خطب الحسين (ع) في أصحابه بعد الصلاة إن هذه الجنة قد فتحت واتصلت أنهارها وأينعت ثمارها و تؤلفه ولدانها وحورها وهذا رسول الله (ص) والشهداء الذين قتلوا معه أبي وأمي يتوقعون قدومكم ويتباشرون بكم وهم مشتاقون إليكم فحاموا عن دين الله وعن حرم رسول الله (ص) . هذه الصلاة يصليها الحسين (ع) في أحرج ساعة بين السيوف والرماح , فيعلم الناس عظمة الواجب وانه لايترك بأي حال وان أمر الله فوق جميع الاعتبارات وان الحرب والنضال إنما هما لتقويم دين الله وإحياء شعائر الله . ليعلم الناس أن مبدأ الفضائل إنما هو في صلاة يؤديها الإنسان شاكرا ً لخالقه وأن لافضيله دون الصلاة والخشوع لله سبحانه وتعالى وان الأعمال لاتصلح لمن لا صلاة له مهما عظم العمل في نظره أو في نظر الغير . الحسين صلوات الله عليه يختم هذه الصلاة التي لا تشبهها إي صلاة بمناجاة ربه حتى بقي وحيدا ً فريدا ً قائلا ً ,
تركتُ الخلق طرا ً في هواك وأيتمت العيال لكي أراكا 
فلو قطعتني في الحب أربا لما مال الفؤاد إلى سواكا

(سلام الله وصلواته عليك يا ابا عبد الله )