بقلم د.عبد الجبار ثجيل الذهبي
مرت علينا هذه الآيام ذكرى مؤلمة نقشت اثارها في قلوب المؤمنين المحبين لآل بيت الرسول (ص) وهي هدم قبور أئمة المسلمين عليهم السلام في البقيع من قبل حكومة ال سعود الوهابية بحجة ان خير القبور هي الدوارس اي التي بمستوى الارض وكذلك لايجوز اتخاذ القبور مزارات والطواف حولها لأن الطواف هو حول الكعبة الشريفة فقط .البقيع بقعة ارض شريفة طاهرة في المدينة المنوّرة قرب المسجد النبوي الشريف ومرقد الرسول الأعظم محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فيها مراقد الأئمّة الأربعة المعصومين من أهل بيت النبوّة والرسالة ( عليهم السلام ) وهم الإمام الحسن المجتبى والإمام علي زين العابدين ، والإمام محمّد الباقر ، والإمام جعفر الصادق ( عليهم السلام ) ,بعدما استولى آل سعود على مكّة المكرّمة ، والمدينة المنوّرة عام 1344 هـ بدؤوا يفكّرون بوسيلة و ايجاد حجة لهدم المراقد المقدّسة في البقيع ، ومحو آثار أهل البيت (عليهم السلام ) في تلك البقعة المباركة وخوفاً من غضب المسلمين في الحجاز وفي عامّة البلاد الإسلامية وتبريراً لعملهم الإجرامي المبيت مسبقا في عقيدتهم الوهابية استفتوا علماء المدينة المنوّرة حول حرمة البناء على القبور فكتبوا استفتاءً ذهب به قاضي قضاة الوهّابيين مستفتياً علماء المدينة ، فاجتمع مع العلماء وتباحث معهم وتحت التهديد والترهيب وقّع العلماء على جواب نُوّه عنه في الاستفتاء بحرمة البناء على القبور و تأييداً لرأي الجماعة التي كتبت الاستفتاء واستناداً لهذا الجواب اعتبرت الحكومة السعودية ذلك مبرّراً مشروعاً لهدم قبور الائمة عليهم السلام وكذلك بعض الصحابة والتابعين, فتسارعت قوى اعداء ال بيت النبوة إلى هدم قبور آل الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم) في الثامن من شوّال من نفس السنة ـ أي عام 1344 هـ ـ فهدّموا قبور الأئمّة الأطهار والصحابة في البقيع ، وتم تسويتها بالأرض وتركوها معرضاً لوطئ الأقدام ، ودوس الكلاب والدواب كما نهب كلّ ما كان في ذلك الحرم المقدّس من ذهب وهدايا وآثار قيّمة وغيرها وحول ذلك المزار المقدّس إلى أرض موحشة مقفرة ,وبعدما انتشر خبر تهديم القبور استنكره المسلمون في جميع بقاع العالم واكدوا على أنّه عمل إجرامي يسيء إلى أولياء الله ، ويحطّ من قدرهم ، لكن ال سعود صموا اذانهم وكتفوا بنشر فتوى هدم القبور الصادرة من علماء المدينة المنورة الذين كانوا تحت سيطرتهم , فأين كانوا هؤلاء العلماء عن منع البناء على القبور ؟ ووجوب هدمه قبل هذا التاريخ ؟! ولماذا كانوا ساكتين عن البناء طيلة هذه القرون ؟ من صدر الإسلام وحتى يوم اصدار فتواهم ، ألم تكن قبور الشهداء والصحابة مبني عليها ؟ ألم تكن هذه الأماكن مزارات تاريخية لأصحابها ،ألم يقرأوا كتاب الله تعالى (الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدا) , أنّ القرآن الكريم يعظّم المؤمنين ويكرّمهم بالبناء على قبورهم حيث كان هذا الأمر شائعاً بين الأُمم التي سبقت ظهور الإسلام فيحدّثنا القرآن الكريم عن أهل الكهف حينما اكتشف أمرهم بعد ثلاثمائة وتسع سنين وبعد انتشار التوحيد وتغلّبه على الكفر . فيقول الكافرون ( ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَانًا ) تخليداً لذكراهم بينما نرى المؤمنين التي انتصرت إرادتهم فيما بعد يدعون إلى بناء المسجد على الكهف ، كي يكون مركزاً لعبادة الله تعالى ، اي على قبور أُولئك الذين رفضوا عبادة غير الله تعالى وهم اصحاب الكهف .فلو كان بناء المسجد على قبور الصالحين أو بجوارها علامة على الشرك كما يدعي الوهابية ، فلماذا صدر هذا الاقتراح من المؤمنين ؟ ولماذا ذكر القرآن اقتراحهم دون نقد أو ردّ ؟ أليس ذلك دليلاً شرعيا على الجواز. ولذلك تم بناء المسجد على قبور اهل الكهف واصبحت قبورهم مركزا للتعظيم والاحترام والعبادة والموجود حاليا في الاردن .