الفتاوى الواضحة، الصفحة 696 الى 698 بحسب الطبعة السادسة:
----------------
(۲٥٥) النية، وذلك أنّ الصيام عبادة فيجب أن تتوفّر فيه النية الواجبة في كلّ عبادة، وذلك بأن ينوي الالتزام بواجبات الصيام والاجتناب عن مفطراته قربةً إلى الله تعالى.
وبعبارة موجزة: أن ينوي الصيام قربةً إلى الله، ويحرم ويبطل بالرياء، كما هي الحالة في كلّ عبادة أيضاً، على ما تقدم في الأحكام العامة للعبادات.
(۲٦٦) وقد تسأل بهذا الصدد وتقول: إنّ النية هي الباعث على العمل، ونية القربة معناها: أن يكون أمر الله هو الباعث على العمل، وهذا من الصعب افتراضه في كلّ حالات الصيام، فالصائم الذي ينام جُلّ النهار أو كلّه، أو يغفل عن الطعام، أو يكون عزوفاً عن الأكل والشرب، إنّ الصائم في كلّ هذه الحالات ليس الباعث على تركه للطعام والشراب أمر الله تعالى، بل هو نومه، أو غفلته، أو عزوفه ـ مثلا ـ فهل يبطل الصيام في هذه الحالات؟
والجواب: أنّه لا يبطل، إذ يكفي في نية القربة أن يكون في نفس المكلّف باعث ودافع إلهي يمنعه عن الطعام والشراب ونحوهما فيما إذا لم يكن نائماً ولا غافلا ولا عزوفاً، فالنائم والغافل والعزوف إذا عرف من نفسه أنّه حتى لو لم ينم ولم يغفل ولم يكن عزوفاً لا يأكل ولا يشرب من أجل الله تعالى كفاه ذلك في نية الصوم.
(۲۷۷ ) ويكفي الصائم أن ينوي أنّه يصوم هذا النهار من طلوع الفجر إلى المغرب على أن لا يقصد به صوماً آخر غير صيام شهر رمضان من قبيل صوم الكفّارة، وإلّا خسر المكلّف بذلك كلا الصيامين، فلا يقبل منه كصيام شهر رمضان، ولا كصيام كفارة.
(۲۸۸) ويجب أن لا تتأخّر النية لدى الصائم في شهر رمضان عن طلوع الفجر، فإن طلع الفجر [ عليه ] في شهر رمضان وهو غير ناو للصيام غفلةً أو جهلا، ثمّ تفطن قبل أن يستعمل مفطراً فعليه أن ينوي الصيام بأمل أن يقبله الله تعالى منه ثمّ يقضيه بعد ذلك، وأمّا إذا كان قد استعمل المفطر في حال غفلته وجهله فعليه أن يمسك تشبّهاً بالصائمين، ثم يقضيه بعد ذلك.
وإن طلع الفجر عليه وهو غير ناو للصيام عن تعمّد وعصيان ثمّ آب إلى رشده في أثناء النهار فعليه أن يمسك تشبّهاً بالصائمين، ثم يقضيه بعد ذلك.
(۲۹۹) وقد تسأل إذا لم يجزْ أن تتأخّر النية عن طلوع الفجر فهل يجوز تقديمها على ذلك بأن ينوي الصيام في الليل ؟
والجواب: أنّ بإمكانه ذلك، وتكفيه تلك النية ما لم يعدل عنها، فاذا قرّر أوّل الليل أن يصوم غداً ونام على هذا الأساس وطلع عليه الفجر وهو نائم واستيقظ نهاراً وهو على نيّته صحّ صومه، بل إذا دخل عليه شهر رمضان فنوى أن يصوم الشهر كفته تلك النية للشهر كلّه ما لم يعدل عنها، وهذا يعني أنّه لو استمرّ به ـ بعد ذلك ـ النوم لسبب طارئ مدّة يومين أو أكثر اعتبر صائماً في كلّ تلك الأيام التي قضاها نائماً.
(۳٠٠) وتجب النية في الصيام ابتداءً واستمراراً، وعليه فمن قصد الإفطار في يوم من شهر رمضان أو تردّد في البقاء أو الاستمرار على الصيام بطل صومه، سواء أحَدَثَ ذلك قبل الزوال أم بعده، ويجب عليه الإمساك تشبّها بالصائمين؛ ثمّ القضاء بعد شهر رمضان.
(۳۱۱) وإذا صدر من الصائم شيء كما إذا وضع قطرةً في عينيه، ثمّ شكّ هل أنّ القطرة في العين تبطل الصيام أوْ لا فتردّد في صيامه على أساس هذا الشكّ، ثمّ سأل فعرف أنّ قطرة العين لا تفطّر الصائم، فهل يبطل صومه بذلك التردّد الذي أصابه بسبب الشكّ في بطلان الصوم؟
والجواب: أنّ هذا التردّد لا يبطل به الصوم ما دام لا يزال ناوياً للصيام في حالة كون القطرة غير مفطّرة.
(۳۲۲) وليس من الضروريّ في نيّة الصيام أن يكون الصائم على معرفة كاملة بكلِّ المفطرات التي ينوي الاجتناب عنها، بل يكفي أن يجد في نفسه ـ عند النيّة ـ القدرة على اجتناب تلك المفطرات ولو بالتعرّف عليها بعد ذلك، أو بترك كلّ ما يحتمل كونه مفطّراً.