فيا تُرى.. في مثل هذه الظروف من الفلتان والتسيّب والفساد كيف يمكن لإصلاحاتٍ لا تعدو مستوى الترقيع والترميم الظاهري لوجه الفساد الحكومي أن ترتقي لمستوى تحقيق مطالب الشعب وإنجاز إرادته ودفع الحيف عنه؟! إنني ومن موقع الاُبوة لهذا الشعب المضطهد، والمرجعية التي يعتصر قلبُها ألماً ويقطر دماً لمشاهده المأساوية، فتخاطب أبناءها بلغة صريحة واضحة غير قابلة للتأويل والحمل على أكثر من وجه في الكشف عن ما يحيط بها من مخاطر ودسائس، وتنبيهها على مصالحها وتحذيرها عن مخاطر ما يحيق بها، فأقول: لا أرى في هذه الحُزمة من الإصلاحات التي قدمتها رئاسة مجلس الوزراء ما يمكن به إصلاح ما فسُد، ولا رتق ما فُتق، ولا تحقيق ما أمرت به الآية الكريمة في قوله تعالى: ﴿وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ ما دامت جذور الفساد ومناشئ الفلتان فاعلة وحيّة في كيان الحكومة ومكوناتها.. بل نرى أنّ الإصلاح يبدأ من:
أولاً: إصلاح المناشئ والاُسس التي بني عليها الفساد، وهو الذهنية والعقلية الحاكمة في رؤوس أصحاب القرار تجاه هذا الشعب ومصالحه ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ﴾ (الرعد:۱۱).
وثانياً: إصلاح المواد الدستورية، واُسلوب إدارة البلد، بعيداً عن فكرة المحاصصة والتوافقات بين الكتل الرئيسة كاُسلوب في توزيع الحقائب السيادية والمهام الرأسية في إدارة العملية السياسية والمدنية والعسكرية، بل لابد من اعتماد الطاقات المؤهلة المخلصة، والرجالات الصالحة الوطنية التي ينبغي لها أن تحتلّ مراكز التنفيذ والإدارة في مجلس النواب والحكومة والمؤسسات التابعة لها، فإنّ الآية المباركة التي سبقت تقول: ﴿بَقِيَّة اللَّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ إذ لا يخلو بلدنا الكريم من الكفاءات الشريفة والقدرات الوطنية مما أبقاه الله ومنحه لهذا البلد العظيم في كافة المجالات ما يؤهله لإدارةٍ نزيهةٍ حكيمة، فهي بقية الله تعالى، وخير من الفاسدين والمتآمرين على البلد.
وثالثاً: الوقوف بحزم وشجاعة بوجه المشاريع التآمرية، والمكائد الخبيثة التي تريد لعراقنا الشر....